التاطير:رسالة سامية وفن رفيع رسالة تحملها الإنسان منذ القدم للتربية الاجيال على قواعد الحياة ضد ظلم الطبيعة.
يستوجب الكفاءة العالية والأخلاق الرفيعة والجرأة الدائمة دفاعا عن الحق والحريةوالاداب.
القيم شريك للاستاذ في تربية الناشئة . إنه يقوم بمهمة نبيلة لا يستطيع المواطن بدونها تقويم سلوك اولاده .
للقيمين قسط وافر في ضمان حقوق الاجيال في تربية لمة وفي بناء الأنظمة والمؤسسات التربوية.
وباعتبارها رسالة وفن فإن مهنة القيم في حاجة إلى تنظيم محكم صلب هيئات مهنية مستقلة تسهر على النهوض بها وحمايتها من كل التجاوزات والإنتهاكات إذ في غياب هيئة مهنية يصبح القيمين غير آمنين وغير مطمئنين وغير منظمين صلب هيكل مستقل يوحد كلمتهم ويدافع عنهم ويحميهم من أجل إعلاء كلمة الحق بعيدا عن موازين القوى سياسية كانت أم إقتصادية أم إجتماعية.
لقد أصبحت مهنة القيم في جل بلدان العالم منظمة في إطار هيئات مهنية نقابية وجمعياتية، إلا أن وجود الهيئات ليس هدفا في حد ذاته بل يجب عل تلك الهيئات أن تقوم بواجبها المتمثل في تأمين الحماية الشخصية والجماعية للقيمين وفي الرفع من مستوى الخدمات القانونية وفي مقاومة التسيب والسلوكيات الخاطئة التي تمارسها اطراف سلطوية.
الخطر كل الخطر يكمن في عدم قيام الهياكل النقابية بواجباتها تجاه القيمين وتجاه المنخرطين، إن النقابة في بلادنا لم تسع منذ عقود إلى النهوض بالمهنة وحمايتها، ورغم المجهودات المبذولة من قبل المشرفين على الهياكل الحالية ورغم عزيمتهم الصادقة فإن النقابة لم تفلح إلى حد الآن في تحقيق المنشود وإصلاح مهنة القيمين. إن الموضوعية تفرض علينا كشف الواقع بحلوه ومره، فالأمم الحية هي التي تظهر العيوب لا تخفيها،حتى إذا أظهرتها سارعت إلى البحث عن العلاج وشمرت سواعدها للإصلاح، أما إذا أخفتها فإن العلل تستفحل ويستحيل عندئذ العلاج والإصلاح.
. إن الموضوعية تفرض علينا الجواب عن سؤالين محوريين : لماذا عجزت النقابة عن النهوض بالمهنة وحمايتها؟ وكيف السبيل إلى النهوض والحماية؟
المحور الأول : قصور النقابة في حماية المهنة والنهوض بها
أقول ما أشبه اليوم بالبارحة وما بالعهد من قدم، حيث الاحظ في باب إصلاح المهنة بأني اجد القيمين في تونس قد قلوا وكثر الشر بينهم نتيجة لقلة العدد وضيق االتواصل .
وقد إرتكب بعضهم اخطاء لا تعتبر فردية ولكنها تعتبر ظواهر إجتماعية تشير إلى إستفحال أمراض يجب الفحص عنها وتشخيصها ثم مداواتها حيث وجدت النقابة الأصيلة القديمة قد بلغ بها الإهمال حد العجز العجز عن إصلاح حالة القطاع.
فكفر بها أبناؤها والحال أنه كان عليهم أن يساهموا في الإصلاح ويكافحوا من أجل الإنقاذ، كما كفرت الوزارة والمكونات التربوية بأكملها بمهنة القيم، اقول ذلك و كأنني أقول ابياتا في رثاء المهنة، لقد تتالت مجالس النقابات الجامعية ومجالس الفروع الجهوية
في بلادنا ودار لقمان على حالها، ووضعية المهنة تتأزم يوما بعد يوم والهياكل عاجزة عن إصلاحها و إن لذلك القصور أسباب موضوعية وهي الأساسية وأسباب ذاتية وهي الثانوية.
* الباب الأول : في الأسباب الموضوعية *
إنه بمجرد مقارنة لمهنة القيم بالمهن الأخرى، نجد أن المحيط خذلها فأصابها الإهمال والوهن من ضعف في التكوين ووقلة في العدد، إلى مجال محدود وتهميش بدون حد إلى ظروف عمل كلها مشاكل وعقد، إلى تدني المكانة وقلة ذات اليد.
الجزء الأول : ضعف في التكوين وقلة في العدد:
الاحظ انه لايوجد تكوينا جديا، إنتقائيا .
فمهنة القيم أصبحت اليوم المشغل الرئيسي إن لم يكن الوحيد لخريجي الكليات مما أدى إلى تضخم عدد الوافدين وصير المهنة بوابة مفتوحة على مصراعيها للقادمين من كل صوب وحدب فاصبحت ملجأ للعاطلين عن العمل الذين يؤكد جلهم أثناء زيارات المجاملة بأنهم يلجئون إلى المهنة مكرهين لا مختارين يأتون ليس حبا في المهنة وإنما هروبا من البطالة.
لقد مر زمان كنا ندخل إلى المهنة حبا فيها كما قال احدالزملاءالمتقاعدين فالمهنة لا يمكن لها أن تحلق في سماء الحق والحرية إذا كانت أحد أجنحتها مكسرة أو معوقة.
الجزء الثاني : مجال محدود:
لما كانت التربية تؤدي دورا فعالا في حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وبالتالي في نمو الاقتصاد وتمثل عنصر توازن بين الانسان والعالم، فقد أولتها جل دول العالم خاصة المتقدمة العناية الكافية وسعت إلى التنويع من مجال تدخل القيم وتوسيعه، فالقيم لم يعد في تلك الدول قابعا في دوره التقليدي المتمثل في التاطيروالارشاد بل أصبح له الحق في ان يتقلد منصب مدير او رئيس مصلحة.......
* الباب الثاني : في الأسباب الذاتيّة *
الأسباب التي تتعلق بالهياكل النقابية:
إن أساليب العمل صلب الهيئةالنقابية بقيت منذ عقود على حالها مع الدأب على العمل بدون رؤية مستقبلية ودون وضع برنامج متواصل فالاجتماعات لاتتم الا حين الانتخابات لتختفي أعواما ، كما أن عمل النقابة المركزية كثيرا ما اتسم بالفوقية وحتى اللجان التي يقع تكوينها سرعان ما يخمد صوتها وينقطع نشاطها ويختفى أثرها. لقد عجزت الهياكل المهنية على تأطير القيمين وتشريكهم في أعمالها وحتى على تعبئتهم للمشاركة في نضالاتها النقابية المتعددة.هذا مع غياب ثقافة قانونية تؤهلها للمفاوضة بحماس وثقة في النفس .
المحور الثاني : حول بعض أساليب النّهوض بالمهنة وحمايتها
كيف السبيل إلى النهوض بالمهنة، كيف السبيل إلى حمايتها، وما هي وسائل العمل التي تمكن من ذلك والتي يجب على النقابة أن تتوخاها لتحقيق النهضة والحماية المنشودة؟؟
* الباب الأول : كيفية النهوض بالمهنة *
إن المهام الأساسية والأكيدة التي تقع على عاتق النقابة تتمثل في حماية المهنة من كل التحديات وإعادة الاعتبار لمكانة القيم في المجتمع.
الجزء الأول : حماية المهنة
الحماية من التجاوزات:
على النقابة أن تتحمل وزر حماية القيمين والدفاع عن كرامتهم ضد كل الإنتهاكات والسعي إلى تسهيل مهامهم وتذليل العقبات التي تعترضهم في علاقتهم بالإدارة وذلك طبقا للمواثيق والقوانين الجاريبها العمل. وأن تبلغ السلط المختصة بكل التجاوزات، وأن تسعى إلى حل الإشكاليات حينا،
إحكام تنظيم عمل النقابة: : الجزء الثاني
لا يمكن أن تدافع عن المهنة و إلا هيئة قوية، تشهد هياكلها المشرفة على تسييرها إلتفاف كافة القيمين حولها وتحظى بثقة المنخرطين. وقوة الهيئة تتمثل أساسا في تعاونها مع الجمعية لان المصلحة مشتركة.
إن النقابة لا يمكنها النهوض بالمهنة وحمايتها إذا بقيت تتصرف بأساليب العمل البدائية وتؤمن الخدمات اليومية، يجب عليها أن تحدث ثورة في العقليات وفي أساليب العمل وأن تكون صاحبة برنامج متكامل ومشروع مستقبلي وكما قال أوقست كونت "يجب على الهيئة أن تكون عنوانا للتقدم والتطور...
كما عليها أن تحدث نقلة نوعية في تجهيزاتها وفي إدارتها وأن تؤهل مسيريها وتأطرهم، كما عليها أن تحدث ثورة جذرية في أساليب عمل القواعد وذلك بإحداث لجان عمل مختصة مفتوحة على الكفاءات تعمل بانتظام وبانضباط.
بقلم ايمن سوسية